لم يدخل المنتخب الايطالي يوما إحدى البطولات الكبيرة إلا وكان بين المرشحين لإحراز اللقب، ولن تكون مشاركته في كأس أوروبا 2008 مختلفة خصوصاً وأنه مدجج بلقب بطولة العالم الذي أحرزه قبل عامين في ألمانيا على حساب فرنسا التي ستقابلها في الدور الأول إلى جانب هولندا ورومانيا حيث وقعت في مجموعة حديدية.
هل تكرر إيطاليا هذا الصيف ما صنعته فرنسا منذ ثماني سنوات عندما أحرزت ثنائية كأس العالم-كأس أوروبا، أم أن مشوارها الصعب في التصفيات لا يعزز فرص فوزها في اللقب للمرة الثانية في تاريخها؟
لطالما أثبت الطليان أنهم رجال المناسبات الكبيرة، وتحضيرا للكأس الأوروبية التي تأهلوا لها بصعوبة قدموا أداء راقيا في مباراة ودية مع البرتغال فازوا فيها بنتيجة 3-1 أمام أبرز المرشحين لإحراز اللقب.
سجلت إيطاليا بداية بطيئة في تصفيات أوروبا 2008، فبعد تعادلها مع ليتوانيا 1-1 على أرضها في نابولي، وخسارتها على أرض فرنسا 1-3، لقنت منافسيها دروسا في اللعبة، محرزة تسعة انتصارات وتعادلا واحداً في مبارياتها العشر المتبقية لتتصدر المجموعة الثانية بفارق ثلاث نقاط عن فرنسا، ما أزال الحملات المستعرة على المدرب روبرتو دونادوني الطري العود والذي حمل الراية خلفا لمارتشيلو ليبي مدرب الـ"سكوادرا اتسورا" في المونديال الأخير.
وبقي دونادوني دقائق طويلة على أرض ملعب "هامبدن بارك" بعد الفوز على اسكتلندا 2-1 الذي ضمن له التأهل إلى النهائيات، وهو لم يحقد على أحد رغم انطوائيته وقال: "عندما استلمت مهامي، ورثت لاعبين من طراز نادر وجهازا إدارياً دعمني كثيرا، صحيح أننا تأهلنا لكن هذا لن يعطينا أي أفضلية فالمشوار الحقيقي بدأ الآن من نقطة الصفر".
لا يخشى الطليان أحدا، فلديهم من الثقة ما يكفي لمواجهة أقوى المنتخبات حتى ولو خرجوا خاسرين في النهاية.
يقول المدرب السابق مارتشيلو ليبي بعد تأهل بلاده إلى أوروبا 2008: "اليوم، لا يوجد منتخب في أوروبا أقوى من ايطاليا".
هجوميا تفجرت مواهب العملاق لوكا طوني (31 عاماً و1,96 م) أثناء وبعد المونديال، فمن الهدفين في مرمى أوكرانيا في ربع النهائي إلى إحرازه لقب الهداف في البوندسليغه مع بايرن ميونيخ الألماني (21 هدفا) تمكن طوني من فرض نفسه أساسياً في التشكيلة متكاملاً مع انطونيو دي ناتالي (30 عاما و1,70 م) مهاجم اودينيزي الذي لم يلعب في المونديال والمجهول أوروبياً.
الخبرة هي ركيزة ايطاليا، فباستثناء "ملك" روما فرانشيسكو توتي المعتزل دوليا، بقيت المجموعة نفسها في ظل وجود الحارس جانلويجي بوفون والقائد فابيو كانافارو وهداف الدوري الحالي اليساندرو دل بييرو وجانلوكا زامبروتا وجينارو غاتوزو واندريا بيرلو.
وأعاد دونادوني إلى "الأزرق" المدافع كريتسيان بانوتشي وماسيمو امبروزيني، وزج بوجوه جديدة مثل مهاجمي اودينيزي فابيو كوالياريلا وجنوى ماركو بورييلو، لكنه استبعد لاعبي ميلان المدافع ماسيمو اودو والمهاجم فيليبو اينزاغي، والأخير أبدى انزعاجا كبيراً لعدم ضمه.
الدفاع المغلق كان دوما علامة الطليان الفارقة لكن في ظل تراجع مستوى قائدهم فابيو كانافارو مع ناديه ريال مدريد الاسباني وإصابات ماركو ماتيراتزي المستمرة، مر دفاع الاتزوري في مطبات كروية أنقذها الحارس بوفون صاحب المستوى الثابت الذي أهله ليتربع على عرش الحراسة العالمية.
على عكس نجاحاتها الصاخبة في المونديال حيث أحرزت اللقب 4 مرات، لا تعتبر كأس أوروبا البطولة المفضلة للطليان رغم أنهم أحرزوها مرة واحدة في تاريخهم عام 1968 وخسروها بشق النفس في نهائي 2000 أمام فرنسا بهدف دافيد تريزيغيه الذهبي، في حين خرجوا من الدور الأول في النسخة الأخيرة عام 2004.
"إذا واجهت الملاكم محمد علي كلاي وجها لوجه يمكنه أن يدمرك بالضربة القاضية خلال لحظات، لكن إذا حميت نفسك جيدا بإمكانك الاستمرار حتى تقتنص الفوز"، بهذه الفلسفة يلخص المدرب القدير جوفاني تراباتوني مقاربة الطليان للبطولات الكبيرة.